الاثنين، 23 فبراير 2009

الخطاب الذكوري للنصوص

مقاله روعه للمفكر / خالص جلبي
هناك من يشكل عليه الخطاب الذكوري في النصوص، ويقف حائراً أمام اعوجاج المرأة مثل الضلع، لا فائدة ترجى من إصلاحه إلا بكسره. أو حول إعدام من يغير دينه، تحت حكم الارتداد. أو حديث الذبابة التي تحمل البكتيريا في جناح، والصادات الحيوية في الجناح المقابل؛ فوجب غطسها في الحساء إن حومت حوله. أو ذلك الحديث حول وضع المرأة بين الحمار والكلب الأسود تحديداً في موضوع قطع الصلاة. وهو موضوع انتبهت له السيدة عائشة مبكراً، فقالت لأبي هريرة؛ كما ورد في باب التهجد في صحيح البخاري: ويلك جعلتنا بين الحمير والكلاب!

وكذلك حول ملاحظات المسلم الأسود "مالكوم اكس" حول تحكم البيض في اللغة، وأن اللون الأسود كان يرد في بعض "الأحاديث" للدلالة على المعصية أو الخطأ.

والضمير يقف أمام هذه النصوص في أحد موقفين؛ إما السكوت واستمراء الحيرة، أو فهم بانوراما مختلفة في لغة جديدة، وهو ما يعكف عليه الألمان في مشروعهم الجديد عن الجينوم القرآني، لإنطاق النصوص بلغة ثقافية مختلفة.

وأذكر جيدا ونحن في قاعة العمليات، حين استشهد متحمس بالآية: ليس الذكر كالأنثى، ليقول إن الرجل أفضل من المرأة، بينما الآية تفيد الغيرية وليس الأفضلية.

وهكذا فنحن أمام مشكلة مزدوجة، فكيف يمكن أن نضع استراتيجية واضحة لفهم الأحاديث التي تفاجئنا بأمور لا نستطيع أن نسلم بها ونقبلها؟ وفي قناعتي فإنه لم يكن أمام النص النبوي والقرآني إلا أن يخاطبا الإنسان من خلال اللغة، وهي هنا اللغة العربية، وهذه مربوطة بإحداثيات لغوية تاريخية ثقافية تمسك مفاصلها، لذا كان اسم الجلالة مذكراً ولم يكن مؤنثاً، ولا حيادياً كما هو في اللغة الألمانية. وهو موضوع تمنت فيه نوال السعداوي أن يغير مفاصل اللغة العربية بالكامل.

لكن الحديث والقرآن اعتمدا لغة قريش، ولا يمكن للعربي من قريش: "قالت الله"، ولا تنقل له عن النبي أنه قال: "سبع يظلهن الله في ظله".

فعلينا إذن استيعاب "لعبة اللغة" كما يقول الفيلسوف فيتجنشتاين.

وهذا ينطبق أيضاً على مفردات العنصرية التي لم تبدأ اللغة البشرية التحرر منها إلا قبل فترة قصيرة؛ فالأسود لم يعد عبداً (نيجرو)، بل بات يحكم أميركا!

ولهذا يجب أن نقول إن نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، ما كان أمامه سوى أن يستخدم اللغة الدارجة التي تعارف عليها الناس، ريثما تحدث الثورة المعرفية في علوم الإنسانيات من جهة، وكذلك الثورة المعرفية ضد التمييز العنصري، وتبديل اللغة حلتها بحلة جديدة من الكلمات، لأن الألفاظ بريئة ونحن من يشحنها بالمعنى.

ليست هناك تعليقات: